من مظاهر الشرك الأكبر : النذر لغير الله وهو ما يسميه الناس عندنا بـ ((الوعدة)) هو ما يعد به الشخص ويلزم نفسه بتقديمه للولي الصالح تقرباً وشكراً له إن قضى له حاجته -بزعمه- من شفاء مريض أو نجاح في امتحان ونحو ذلك ..
ومن صور ذلك المنتشرة كثيراً بين الناس:
1- نذر الشموع.
2- نذر الأموال.
3- نذر الأنعام. ومثال ذلك ((نعجة سيدي الهادي)) وهي شاة تعامل معاملة خاصة وتعطى أحسن أنواع العلف لتذبح فيما بعد تقرباً وشكراً لسيدهم الهادي .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "فهذه النذور الواقعة من عباد القبور تقرباً بها إليهم ليقضوا لهم حوائجهم وليشفعوا لهم كل ذلك شرك في العبادة بلا ريب كما قال تعالى: ((وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )) " اهـ
وهذا عين ما كان يفعله المشركون تقربا للأصنام.
قال المباركفوري: "كان من أنواع التقرب إلى الأصنام النذر في الحرث والأنعام، قال تعالى:
وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ، وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها، وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ [الأنعام: 138] . وكانت منها البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي. قال ابن إسحاق: البحيرة بنت السائبة، هي الناقة إذ تابعت بين عشر إناث ليس بينهم ذكر سيبت، فلم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها، ثم خلى سبيلها مع أمها، فلم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف، كما فعل بأمها. فهي البحيرة بنت السائبة. والوصيلة: الشاة إذا أثأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر جعلت وصيلة. قالوا: قد وصلت، فكان ما ولد بعد ذلك للذكور منهم دون إناثهم إلا أن يموت شيء فيشترك في أكله ذكورهم وإناثهم. والحامي: الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر حمي ظهره، فلم يركب، ولم يجز وبره، وخلي في إبله يضرب فيها، لا ينتفع منه بغير ذلك، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ، وَلا وَصِيلَةٍ، وَلا حامٍ، وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [المائدة: 103] ، وأنزل: وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا، وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ [الأنعام: 139] ، وقيل في تفسير هذه الأنعام غير ذلك .
وقد صرح سعيد بن المسيب أن هذه الأنعام كانت لطواغيتهم وفي الصحيح مرفوعا: أن عمرو بن لحي أول من سيب السوائب .